الثقافة السويديّة

الثقافة السويديّة


شهد الإبداع الثقافي السويدي، خلال العقود الماضية، ولادة جديدة مع تأثيرات جذريّة إذ انتقلت من كونها ثقافة واحدة متجانسة إلى تنّوع واسع من التعبيرات والأمزجة. وقد اجتذب الإبداع السويدي المُعاصر اهتماماً عالميّاً متزايداً، خصوصاً في مجالات الأدب والسينما والموسيقى والأزياء والتصميم والطهي.
ربما أصبح القائمون بالتعبير الثقافي أكثر شجاعة من ذي قبل ووجدوا منابع للإلهام في أشياء جديدة سواء خارج السويد أو داخلها. ويساهم مجتمعنا المتعدّد الثقافات على نحو متزايد بتأكيد محو ثقافتنا . ويبدو أنه من الصعب تحديد أسباب ذلك. لكن يمكننا أن نرى بوضوح أن الأمور مختلفة عمّا كانت عليه في تلك الأيام حين كان فريق ABBA رمزاً للموسيقى السويديّة والتصميم السويدي رمزاً للفاعليّة الوظيفيّة.
ليكي لي Lykke Li هي مغنية وكاتبة أغاني سويدية، تتميز موسيقاها في كثير من الأحيان بالمزج بين موسيقى البوب، الأندي والموسيقي الإلكترونية. تصوير : صحافة

الموسيقى

السويد واحدة من أكبر الأمم المصدرّة للموسيقى في العالم، وهي الأكبر على الإطلاق من ناحية العدد. إذ يمكنك أن تجد فنّانين سويديّين حققوا نجاحات باهرة على المستوى العالمي في أيّة فئة قد تخطر على بالك تقريباً، من موسيقى البوب إلى الجاز وصولاً إلى موسيقى الميتال (metal music). ربما تجتذب موسيقى البوب والإندي الإهتمام الأكبر وحيث يمكن العثور على معظم الأصوات السويديّة، في الوقت الراهن من أمثال Robyn و Swedish House Mafia و Lykke Li و Mando Diao.
بالإضافة إلى الفنّانين الذين تألقوا على المستوى العالمي، هناك العديد من المنتجين ومؤلّفي الأغاني السويديّين الذين يقفون وراء نجوم عالميّين ومخرجين سويديين وراء أغانيهم وموسيقاهم المصورة على أشرطة الفيديو.

 الأدب

لدى السويد واحدة من أكبر جوائز التكريم الأدبيّة وهي جائزة نوبل. لكنّ عالم الكتب في السويد يدور بشكل أكبر حول القضايا التي ليس لها سوى علاقة بسيطة بالجوائز المرموقة: تحديداً روايات الجريمة الأكثر مبيعاً في العالم وكتب تخطّها أقلام المؤلّفين لجمهور الشباب. أمّا كتب الأطفال الصادرة في السويد فإنها تقف بثبات في الميراث الأدبي الذي بدأ في أربعينات القرن الماضي عندما كتبت أستريد ليندجرين (Astrid Lindgren) عن اليتيمة المتمرّدة  ”بيبي لونجستوكينج”  أو “جنان ذات الجورب الطويل” (Pippi Longstocking). وقد تُرجم عدد كبير من كتب الأطفال الى اللغة العربيّة.
ولد هيننغ مانكل في عام 1948 في ستوكهولم، وهو متزوج من المخرجة السينمائية إيفا بيرجمان إبنة المخرج الشهير إنغمار بيرجمان، وتحقق رواياته التي تدور حول الجريمة أعلى المبيعات، ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات منها العربية، ومن أشهر تلك الروايات المترجمة للعربية راوية "قاتل بلا وجه". تصوير : Lina Ikse
في نفس الوقت، يبدو أن القرّاء الكبار حول العالم لم يحصلوا على كفايتهم من كتّاب روايات الجريمة السويديّين من أمثال ستيج لارسون (Stieg Larsson) الذي تُرجمت سلسلة كتبه التي تحمل عنوان Millennium الى أكثر من أربعين لغة من ضمنها اللغة العربيّة. أما هيننغ مانكِل (Henning Mankell) و يان غيو (JanGuillou) فهما أيضاً من الكتّاب الذين تُقرأ رواياتهم على نطاق واسع. بالرغم من ذلك، فإن ليس كل ما يُكتب للكبار في السويد يتمحوَر حول جرائم القتل. إذ إن يوناس حسن خميري (Jonas HassenKhemiri) هو كاتب ومؤلف مسرحي سويدي تتّجه شهرته بثبات نحو العالميّة.

الأفلام

لم تتورع السينما السويديّة عن تناول القضايا الصعبة، ويُعترف لها بأنها تقوم بذلك بالكثير من الأسلوبيّة والصدق. وغالباً ما يحتفي النقاد بالأفلام السويديّة التي حازت على نحو 180 جائزة في المهرجانات السينمائيّة حول العالم في العام 2010 وحده. يظل إنغمار بيرجمان (Ingmar Bergman) الذي توفيّ في العام 2007 صانع الأفلام السويدي الأكثر شهرة على مرّ الزمن. إذ فاز برجمان بثلاث جوائز أوسكار خلال حياته المهنيّة إضافة الى عدد من الجوائز من مهرجان كان والمهرجات السينمائيّة الأخرى.

طارق صالح ولد في ستوكهولم عام 1972 وينحدر من أب مصري وأم سويدية، هو منتج، مخرج سينما وتلفزيون، رسام وناشر، درس الفن في ستوكهولم، وأصدر عام 1995 في مصر المجلة السينمائية "Alive in Cairo" لفترة محدودة، وحققت أعماله نجاحاً كبيراً في السويد، كما أنه أحد مؤسسي (اتمو) إحدى المؤسسات الرائدة في السويد في مجال انتاج الرسوم المتحركة. في عام 2001 أخرج مع إيريك جرانديني فيلماً عن موت تشي چيفارا، كما شارك مع المخرج السويدي فريدريك لندستروم عدد من الأعمال الأخرى. وكان قد فاز فيلمه "ميتروبيا" بجائزة مهرجان البندقية السينمائي عام 2009. تصوير : Atmo
هناك أيضاً عدداً من صانعي الأفلام الجُدد والطموحين التوّاقين لتجربة التقنيّات الجديدة واقتحام أساليب سينمائيّة وأسواق ظلّت لفترة طويلة خارج النطاق السويدي. وتمّكن العديد من صانعي الأفلام المعاصرين مثل لوكاس موديسون (Lukas Moodysson)، توماس الفريدسون (Tomas Alfredson) و طارق صالح من جذب الاهتمام العالمي.

التصميم

من الأثاث إلى الأواني الزجاجيّة فالمنسوجات، يستمرّ التصميم السويدي جميلاً ذو فاعليّة وظيفيّة. على مدى عقود، كانت الفاعليّة الوظيفيّة هي التي تُملي إلى حدّ كبير الشكل في السويد. ومازال التصوّر العام يرى أنّ التصميم السويدي يدلّ على الخطوط النقيّة والخشب الأشقر وسهولة الاستخدام. وربما يكون لـ IKEA حقاً علاقة ما بهذا.
من الأسماء الذي تزدهر في عالم الأزياء والموضة في السويد ساندرا باكلوند Sandra Backlund والذي نرى براعة حرفيتها الحقيقية عبر إبداعاتها الصوفية السميكة والمكتنزة. نسجت ساندرا خيوط طريقها إلى منصة الأزياء الدولية عبر اعتمادها اسلوبا بعيداً كل البعد عن النهج العملي التقليدي السويدي. تصوير : Peter Gehrke/Ibeyostudio
يرغب جيل جديد من المصمّمين اليوم برواية حكاية ما من خلال تصميماتهم وليس مجرّد صنع أشياء مفيدة. فعندما تلتقي الوظيفة بالعاطفة يتسّع مدى الإبداع أكثر من أيّ وقت مضى ويُصبح النقاء والأسلوب البسيط ضرباً من التحديّ. وقد اعتمد عدد من المصمّمين منحى متعدّد التخصّصات في عملهم – حيث يختلط غالباً الفن مع مهارة الحرف اليدويّة والتصميم ويتمّ ملائمتها مع مواد غير مألوفة لتمنح نتائج مبتكرَة للغاية.

الأزياء

تماماً كما هو الحال في مجال التصميم ككلّ، تحوّل عدد كبير من مصمّمي الأزياء عن التركيز على الوظيفية التي سادت لفترة طويلة. ففي حين لا زالت مجموعة H&M تنشر الأسلوب السويدي ذي الأسعار المعقولة حول العالم، يقود عدد من المصمّمين الروّاد الطريق نحو مزيد من التعبير الفردي الإبداعي.
لعل ما ساعد كوستا بودا (Kosta Boda)، الشركة المتخصصة في الآنية الزجاجية في اختراق آفاق جديدة لتصاميمها هو استلهام أفكارها من فورة الإبداعات الجديدة التي تحيط بها، وذلك منذ أن انضمت اوسا يونياليوس (Åsa Jungnelius) إلى فريق العمل الفني للشركة. تصوير : Åsa Jungnelius
ما زال هناك ولعٌ بالألوان الرصينة والمظهر المبسّط والمصفّى. وكما في الكثير من جوانب الحياة يميل السويديّون إلى اتبّاع نهج عملي بخصوص ما يرتدونه من ملابس، ولكن هذا لايعني وجود افتقار الى الروح الإبداعيّة. فما يُسمى بـ “معجزة الأزياء السويديّة” ابتدأت مع ماركات الجينز المنخفض الخصر من أمثال Acne وNudie وWESC وCheap Monday. كما أن هناك في نفس الوقت اهتمام متزايد بالأزياء الصديقة للبيئة والموضة المكررة.

فن الطهي

من خلال طهي الطعام بمستوى راقٍ والاستخدام المُبدع للمواد الأوليّة حاز الطهاة السويديّون مؤخراً على اعتراف العالم بمهارتهم، وفازوا بالميداليّة الذهبيّة في أولمبياد فن الطهي، إضافة إلى عدد من الميداليّات في Bocuse d’Or، البطولة العالميّة غير الرسميّة في الطهي. ومن خلال افتتاح مطاعم لذوّاقة الطعام في طول البلاد وعرضها، أصبحت السويد واحدة من النقاط الساخنة في أوروبا في مجال المطبخ الراقي.
طبق من كرات اللحم السويدية مع البطاطس البيوريه ومربى التوت. ويستخدم العديد من الطهاة السويديون الشباب أساليب الطهي التقليدية كنقطة إنطلاق لهم قبل أن يضيفوا لمستهم الخاصة. تصوير : Jacob Fridholm
يثير الصيد والمحاصيل الطازجة من البحيرات والغابات والجبال والحقول الإلهام الإبداعي ويساهم في صنع أطباقاً بيئيّة لذيذة. وينطبق هذا الأمر على المطاعم والمنازل على حدّ سواء. إن حقّنا المتفرّد في التجوّل العام في الطبيعة يضمن لنا حقّ الوصول حيث نستطيع جمع الفراولة البريّة، وأنواع الفطر الإنائية والأطايب الأخرى التي يمكن أن نعثر عليها في الطبيعة، لذلك فمن الممكن لأيّ كان أن يطبخ وجبة شهيّة فاخرة في المنزل – مجّانيّة بالكامل.

avatar
AUTOR: السويد بالعربية
نأمل أن تجد في الصفحة كل ما تبحث عنه وأن يدفعك لمعرفة المزيد عن السويد أينما كنت نحن نسعى جاهدين لجعل المحتوى متاحاً للجميع

0 Comments